حلقة يوم 1 نوفمبر 2017 م من برنامج اقرؤوا القرآن - مسجلة من إذاعة القرآن الكريم من القاهرة - شرح التجويد العلمي : الصفات التي لا ضد لها : صفة الهمس - لفضيلة الشيخ / صبري رجب - تقديم / عماد الدين عبد الخالق














الصفات التي لا ضد لها

وهي سبع كما مر آنفاً وفيما يلي تفصيلها واحدة واحدة:

الصفة الأولى: الصفير ومن معانيه في اللغة - حدة الصوت - وفي الاصطلاح حدوث صوت زائد يخرج من بين الشفتين يشبه صوت الطائر عند النطق بحروفه الثلاثة التي هي الصاد والزاي والسين ولذا سميت بحروف الصفير. وأقوى تلك الحروف في الصفير الصاد لاستعلائها وإطباقها ثم الزاي لجهرها ثم السين لهمسها.

الصفة الثانية: القلقلة ومن معانيها في اللغة: التحريك والاضطراب وفي الاصطلاح اضطراب اللسان بالحرف عند النطق به ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية وحروفها خسمة جمعها الحافظ ابن الجرزي في مقدمته وطيبته بقوله: (قطب جد) وهي القاف والطاء والباء الموحدة والجيم والدال المهملة وسميت بذلك لأنها حال سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية - أي صوت عال - وذلك لأن من صفاتها الشدة والجهر فالشدة تمنع الصوت أن يجري معها والجهر يمنع النفس أن يجري معها كذلك. فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع حروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك.

والقلقلة صفة لازمة لحروفها الخمسة المذكورة آنفاً ولا فرق بين أن يكون الساكن منها موصولاً نحو {يَقْبَلُ} {يَطْبَعُ} {يَبْدَأُ} {يَجْمَعُ} {وَيَدْرَؤُاْ} أو موقوفاً عليه سواء أكان مخففاً أم مشدداً بالمخفف نحو {فَوَاقٍ} {?لصِّرَاطِ} {?لأَحْزَابُ} {أَزْوَاجٌ} {?لْمِهَادُ (56)} والمشدد نحو {?لْحَقُّ} {وَتَبَّ} {وَ?لْحَجِّ} {أَشَدَّ}. و القلقلة في الساكن الموقوف عليه بنوعيه أبين من الساكن الموصول. وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:

*وبيَّن مقلقلاً إنْ سكَنَا * وإن يكنْ في الوقفِ كان أبْينا*

ثم اعلم أن القلقلة لم تكن قاصرة على ما تقدم من كونها في الساكن بأنواعه المتقدمة بل في المتحرك من حروفها قلقلة كذلك لأنها لا تنفك عنها ساكنة كانت أو متحركة ولكونها من الصفات اللازمة لها ولتعريفها باجتماع صفتي الشدة والجهر كما تقدم فأصلها ثابت في المتحرك أيضاً وإن لم تكن ظاهرة إلا أنها أقل من الساكن غير الموقوف عليه كما أن أصل الغنة ثابت في النون والميم الساكنتين المظهرتين والمتحركتين الخفيفتين، وبهذا يتبين أن مراتب القلقلة أربع وهي على النحو التالي:

الأولى: الساكن الموقوف عليه المشدد نحو {بِ?لْحَقِّ}.
الثانية: الساكن الموقوف عليه المخفف نحو {مُّحِيطٌ}.
الثالثة: الساكن الموصول وهو المعروف بالأصلي نحو {يَجْمَعُ}.
الرابعة: المتحرك مطلقاً كالطاء والباء من نحو {طَبَعَ}.
فالقلقلة في الساكن المشدد الموقوف عليه أقوى منها في الساكن المخفف الموقوف عليه. وفي الساكن المخفف الموقوف عليه أقوى منها في الساكن الموصول. وفي الساكن الموصول أقوى منها في المتحرك الذي فيه أصل القلقلة فقد وإن لم تكن ظاهرة فتأمل.

أقسام القلقلة وكيفية أدائها

تنقسم القلقلة في غير المتحرك من حروفها الذي فيه أصل القلقلة فقط ثلاثة أقسام صغيرة وكبيرة وأكبر:

فالصغيرة: ما كان وجودها في الساكن الموصول كقاف {وَيَقْدِرُ}.
والكبيرة: ما كانت في الساكن الموقوف عليه المخفف كدال {السُّجُودِ}.
والأكبر ما كانت حاصلة في الساكن الموقوف عليه المشدد كقاف {أَشَقُّ}.
أما كيفية أدائها فقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من قول والمشهور منها قولان:

الأول: أن الحرف المقلقل يتبع حركة ما قبله ويستوي في ذلك ما كان سكونه موصولاً أو موقوفاً عليه مخففاً كان أو مشدداً.
فإن كان ما قبله مفتوحاً نحو {لِيَقْطَعَ} {وَ?لْحَجِّ} فقلقلته للفتح أقرب.
وإن كان ما قبله مكسوراً نحو {قِبْلَةً} فقلقلته للكسر أقرب.
وإن كان مضموماً نحو {مُّقْتَدِرٍ} فقلقلته للضم أقرب. هذا هو القول المشهور وعليه الجمهور وانظر جهد المقل وشرحه للمرعشي.

الثاني: أن الحرف المقلقل يكون للفتح أقرب مطلقاً سواء أكان قبله مفتوحاً أم مكسوراً أم مضموماً.
وقد أشار بعضهم إلى هذا القول بقوله:

*وقلقلةً قرِّبْ إلى الفتح مُطلقاً * ولا تتبعنها بالذي قبلُ تجْمُلا*

كما أشار العلامة السمنودي في لآلىء البيان إلى القولين معاً مرجحاً الإتباع لما قبله ومبيناً تعريف كل من القلقلة الكبيرة والأكبر بقوله حفظه الله:
*قلقلةٌ قطبُ جدٍ وقُرِّبتْ * للفتحِ والأرجحُ ما قبلُ اقْتَفَتْ*
*كبيرةٌ حيث لدى الوقفِ أتتْ * أكبرُ حيثُ عند وقف شُدِّدتْ أهـ*

هذا وذكر صاحب العميد قولاً ثالثاً في كيفية أداء القلقلة حاصلة أن حروف القلقلة تتبع حركة ما بعدها من الحروف لتتناسب الحركات. وهو قول من الأقوال الواردة في غير القولين المشهورين.

قلت: وإن صح هذا القول فيمكن تطبيقه على الساكن الموصول فقط نحو {يُبْدِىءُ} لأن الساكن الموقوف عليه كحرف الدال في نحو قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لا يتأتى فيه إتباعه لما بعده لذهاب حركة ما بعده بسبب الوقف عليه فتنبه.
ومما يجب معرفته والتنبيه عليه في كيفية أداء القلقلة أن حروفها الخسمة اجتمع فيها ماهو متصف بصفة الاستعلاء وهو القاف. وما هو متصف بصفة الإطباق وهو الطاء. وما هو متصف بصفة الاستفال وهو باقي الحروف الخمسة. ولكل مراعاة في الأداء ففي حروف الاستفال تؤدى القلقلة بمراتبها السابقة مرققة لأن حروف الاستفال حكمها الترقيق كما سيأتي بيانه في موضعه. وفي حرفي الاستعلاء والإطباق تؤدى القلقلة فيهما بمراتبها السابقة مفخمة لأن حروف الاستعلاء حكمها التفخيم كما سنوضحه بعد، ويلاحظ هنا أن تفخيم الطاء يكون أقوى من تفخيم القاف لأن حروف الإطباق في التفخيم أقوى من حروف الاستعلاء كما هو مقرر. فاحفظ ذلك جيداً واعمل به في الأداء فقد أوضحنا لك هذا المقام توضيحاً كاملاً فاحرص عليه فقد لا تجده مجموعاً في غيره والله تعالى أعلى وأعلم

تعليقات