برنامج اقرؤوا القرآن تصحيح التلاوة للآية رقم 49 من سورة البقرة - لفضيلة الشيخ / ياسر الجندي - حلقة مسجلة من إذاعة القرآن الكريم القاهرة



وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ


تفسير بن كثير

يقول تعالى اذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم، إذا نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، أي خلصتكم منهم وأنقذتكم من أيديهم بصحبة موسى عليه السلام، وقد كانوا يسومونكم أي يوردونكم ويذيقونكم ويولونكم سوء العذاب وذلك أن فرعون لعنه اللّه كان قد رأى رؤيا هالته، رأى ناراً خرجت من بيت المقدس فدخلت بيوت القبط إلا بيوت بني إسرائيل، مضمونها أن زوال ملكه يكون على يدي رجل من بني إسرائيل، فعند ذلك أمر فرعون لعنه اللّه بقتل كل ذكر يولد بعد ذلك من بني إسرائيل، وأن تترك البنات، وأمر باستعمال بني إسرائيل في مشاق الأعمال وأرذلها، وههنا فسر العذاب بذبح الأبناء، وفي سورة إبراهيم عطف عليه كما قال: { يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} ، وسيأتي تفسير ذلك في أول سورة القَصَص، إن شاء اللّه تعالى وبه الثقة والمعونة والتأييد. ومعنى يسومونكم يولونكم كما يقال: سامه خطه خسف إذا أولاه إياها، قال عمرو ابن كلثوم: إذ ما الملك سام الناس خسفاً ** أبينا أن نُقرَّ الخسف فينا وقيل معناه: يديمون عذابكم، وإنما قال ههنا: { يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} ليكون ذلك تفسيراً للنعمة عليهم في قوله: { يسومونكم سوء العذاب} ثم فسره بهذا لقوله ههنا { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} . وأما في سورة إبراهيم فلما قال: { وذكرهم بأيام الله} أي بأياديه ونعمه عليهم فناسب أن يقول هناك: { يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم} ، فعطف عليه الذبح ليدل على تعدد النعم والأيادي على بني إسرائيل؟ وفرعون عَلَمٌ على كل من ملك مصر كافراً من العماليق وغيرهم، كما أن قيصرعَلَمٌ على كل من ملك الروم مع الشام كافراً، و كسرى لمن ملك الفرس. ويقال: كان اسم فرعون الذي كان في زمن موسى عليه السلام الوليد ابن مصعب بن الريان فكان من سلالة عمليق، وكنيته أبو مرة، وأصله فارسي من اصطخر. وأياً ما كان فعليه لعنة اللّه وقوله تعالى: { وفي ذلكم بلاء} قال ابن جرير: وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا آباءكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون، بلاء لكم من ربكم عظيم، أي نعمة عظيمة عليكم في ذلك، وأصل البلاء الاختبار، وقد يكون بالخير والشر كما قال تعالى: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة} ، وقال: { وبلوناهم بالحسنات والسيئات} . وقيل المراد بقوله: { وفي ذلكم بلاء} إشارة إلى ما كانوا فيه من العذاب المهين من ذبح الأبناء واستحياء النساء، قال القرطبي: وهذا قول الجمهور والبلاء ههنا في الشر، والمعنى: وفي الذبح مكروه وامتحان. وقوله تعالى: { وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} معناه: وبعد أن أنقذناكم من آل فرعون وخرجتم مع موسى عليه السلام، خرج فرعون في طلبكم ففرقنا بكم البحر، { فأنجيناكم} أي خلصناكم منهم وحجزنا بينكم وبينهم وأغرقناهم وأنتم تنظرون، ليكون ذلك أشفى لصدوركم وأبلغ في إهانة عدوكم. وقد ورد أن هذا اليوم كان يوم عاشوراء، لما روي عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى اللَه عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال: (ما هذا اليوم الذي تصومون؟)، قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى اللّه عز وجل فيه بني إسرائيل من عدوّهم فصامه موسى عليه السلام، فقال رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم ( أنا أحق بموسى منكم) فصامه رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم وأمر بصومه ""أخرجه أحمد ورواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة من طرق نحو ما تقدم""

تفسير الجلالين

{ و } اذكروا { إذ نجيناكم } أي آباءكم، والخطاب به وبما بعده للموجودين في زمن نبينا بما أنعم الله على آبائهم تذكيراً لهم بنعمة الله تعالى ليؤمنوا { من آل فرعون يسومونكم } يذيقونكم { سوء العذاب } أشده والجملة حال من ضمير نجيناكم { يُذبّحون } بيان لما قبله { أبناءكم } المولودين { ويستحيون } يستبقون { نساءكم } لقول بعض الكهنة له إن مولوداً يولد في بني إسرائيل يكون سبباً لذهاب ملكك { وفي ذلكم } العذاب أو الإنجاء { بلاء } ابتلاء أو إنعام { من ربكم عظيمْ } .

تعليقات