برنامج اقرؤوا القرآن تصحيح التلاوة للآية رقم 59-60 من سورة البقرة - لفضيلة الشيخ / ياسر الجندي - حلقة مسجلة من إذاعة القرآن الكريم القاهرة



فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ


تفسير بن كثير

وقوله تعالى: { وقولو حطة} قال ابن عباس: مغفرة استغفروا، وقال الضحّاك عن ابن عباس { وقولوا حطة} قال: قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم، وقال الحسن وقتادة: أي احطط عنا خطايانا { نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} وقال: هذا جواب الأمر، أي إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات، وضاعفنا لكم الحسنات. وحاصل الأمر أنهم أمروا أن يخضعوا للّه تعالى عند الفتح بالفعل والقول وأن يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يظهر عليه الخضوع جداً عند النصر، كما روي أنه كان يوم الفتح فتح مكة داخلاً إليها من الثنية العليا وإنه لخاضع لربه حتى أن عثنونه ليمس مورك رحله شكراً للّه على ذلك. وقوله تعالى: { فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم} روي البخاري عن النبي صلى اللَه عليه وسلم : (قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا وقالوا حبة في شعرة ""رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً""( وقال الثوري عن ابن عباس في قوله تعالى: { ادخلوا الباب سجدا} قال: ركعا من باب صغير، فدخلوا من قبل أستاههم، وقالوا حنطة فذلك قوله تعالى: { فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم} . وحاصل ما ذكره المفسِّرون وما دلّ عليه السياق أنهم بدّلوا أمر اللّه لهم من الخضوع بالقول والفعل، فأُمروا أن يدخلوا سجداً فدخلوا يزحفون على أستاههم رافعي رءوسهم، وأُمروا أن يقولوا حطة أي أحطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزءوا فقالوا حنطة في شعيرة، وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة، ولهذا أنزل اللّه بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته، ولهذا قال: { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} . وقال الضحّاك عن ابن عباس: كل شيء في كتاب اللّه من الرجز يعني به العذاب، وقال أبو العالية: الرجُز الغضبُ، وقال سعيد بن جبير: هو الطاعون، لحديث: (الطاعون رجز عذاب عُذّب به من كان قبلكم ""الحديث رواه النسائي وأصله في الصحيحين"").

تفسير الجلالين

{ فبدل الذين ظلموا } منهم { قولا غير الذي قيل لهم } فقالوا : حبة في شعرة ودخلوا يزحفون على أستاههم { فأنزلنا على الذين ظلموا } فيه وضع الظاهر موضع المضمر مبالغة في تقبيح شأنهم { رجزاً } عذاباً طاعوناً { من السماء بما كانوا يفسقون } بسب فسقهم أي خروجهم عن الطاعة فهلك منهم في ساعة سبعون ألفاً أو أقل .


وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ


تفسير بن كثير

يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى عليه السلام، حين استسقاني لكم وتيسيري لكم الماء، وإخراجه لكم من حجر يحمل معكم، وتفجيري الماء لكم منه من ثنتي عشرة عيناً لكل سبط من أسباطكم عينُ قد عرفوها، فكلوا من المن والسلوى واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم، بلا سعي منكم ولا جَدّ، واعبدوا الذي سخَّر لكم ذلك، { ولا تعثوا في الأرض مفسدين} ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتُسْلَبوها. وقد بسطه المفسِّرون في كلامهم كما قال ابن عباس رضي اللّه عنه: وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع، وأمر موسى عليه السلام فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً في كل ناحية منه ثلاث عيون، وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها، وقال قتادة: كان حجراً طورياً - من الطور - يحملونه معهم حتى نزلوا ضربه موسى بعصاه، وقيل: هو الحجر الذي وضع عليه موسى ثوبه حين اغتسل فقال له جبريل ارفع هذا الحجر فإن فيه قدرة، ولك فيه معجزة، فحمله في مخلاته. قال الزمخشري: ويحتمل أن تكون اللام للجنس لا للعهد، أي اضرب الشيء الذي يقال له الحجر، وعن الحسن: لم يأمره أن يضرب حجراً بعينه، قال: وهذا أظهر في المعجزة وأبين في القدرة، فكان يضرب الحجر بعصاه فينفجر ثم يضربه فييبس وقال الضحاك قال ابن عباس لما كان بنو إسرائيل في التيه شق لهم من الحجر أنهاراً، وقال الثوري عن ابن عباس: قال ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار منه اثنتا عشرة عيناً من ماء لكل سبط منهم عينا يشربون منها.

تفسير الجلالين

{ و } اذكر { إذ استسقى موسى } أي طلب السقيا { لقومه } وقد عطشوا في التيه { فقلنا اضرب بعصاك الحجر } وهو الذي فر بثوبه خفيف مربع كرأس الرجل رخام أو كذان فضربه { فانفجرت } انشقت وسالت { منه اثنتا عشرة عيناً } بعدد الأسباط { قد علم كل أناس } سبط منهم { مشربهم } موضع شربهم فلا يشركهم فيه غيرهم وقلنا لهم { كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين } حال مؤكدة لعاملها من عثى بكسر المثلثة أفسد .

تعليقات